ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر ؟

كتاب كراسة - آخر تحديث: 2020-11-28 12:35
ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر ؟ - كراسة

عناوين

ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر ؟ كثير ما يتردد السؤال عن سبب وجود بعض أنواع الكائنات في حياتنا، وخاصة الكائنات التي لا يستفيد منها الإنسان بشكل مباشر مثل الحيوانات والطيور المفترسة والأفاعي والكثير من الحشرات التي قد يراها البعض مؤذية، والتي قد يرى البعض أنها تستهلك في غذائها الكثير من الفرائس مما يقلل من أعداد الحيوانات التي يتناولها الإنسان. ولكن استطاع العلم إثبات أن الله قد خلق الكون في توازن عجيب وأن كل كائن من مخلوقات الله له فوائد كبيرة مباشرة وغير مباشرة لكوكب الأرض ويقدم خدمات جليلة للإنسان حتى لو لم يكن يراها. لذلك سنتحدث اليوم عن ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر وكيف تعمل السلسلة الغذائية في البيئة وكيف يعود كل ذلك بالنفع على الإنسان؟



السلسلة الغذائية في النظام البيئي

خلق الله الأرض من ملايين السنين بنظام بيئي دقيق يعتمد على تدفق الطاقة من كائن حي لآخر وتنتقل هذه الطاقة بين الكائنات من خلال الغذاء. وتعتبر الشمس هي مصدر الطاقة الرئيسي والوحيد للأرض وكل أشكال الطاقة الأخرى التي نراها نبعت أو تنبع من الشمس بشكل أو بآخر.



وتعتبر النباتات هي المستقبل الأول لطاقة الشمس على الأرض، حيث تقوم بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية يسهل تخزينها في أنسجة النبات، وتعتبر الحيوانات العاشبة (التي تقتات على النباتات) ومنها الغزلان هي المستقبل الأساسي لهذه الطاقة المخزنة. ثم يأتي النمر كمستقبل ثانوي وهو الحيوان اللاحم (الذي يقتات على اللحم) والذي تنتقل إليه الطاقة المخزنة في جسم الغزالة عن طريق تناول لحمها.

وتعتبر هذه هي السلسلة الغذائية في أبسط صورها. والتي تتكون من عدد من الكائنات الحية ويمكن أن تكون السلسلة الغذائية أكثر طولا لو دخل إليها عدد أكبر من المفترسات الموجودة في البيئة.

ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتساءل عدة أسئلة أخرى

-        هل هناك ترابط بين كلا من الغزال والنباتات والنمر؟

-        ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر ؟



 يتكرر هذا السؤال بأشكال مختلفة كل يوم. والذي يبحث حول وجود أو عدم وجود ترابط أو تأثير متبادل بين الكائنات المختلفة.

وللإجابة عن هذا السؤال يجب فهم التوازن البيئي وكيف يحدث به الضرر.

التوازن البيئي هو سر بقاء الحياة على كوكب الأرض

تلعب الغزلان مثل باقي الكائنات الحية دورا مهما في النظام البيئي. حيث تؤثر على كل الكائنات الحية المحيطة بها ولا يقتصر التأثير على النباتات والنمر فحسب.

ففي فترة زمنية في بدايات القرن العشرين ازدادت حملات صيد الغزلان في مواطنها الأساسية في إحدى الغابات مما تسبب في انخفاض أعدادها مما حدا الحكومة إلى سن قوانين حماية الغزلان البرية وتحريم صيد الغزلان لعدد من السنوات. مما ساعد على تكاثرها بأمان وزيادة أعدادها إلى حد كبير فقامت الحكومة بإعادة السماح بصيد الغزلان مرة أخرى مع الدخول في خمسينيات القرن العشرين.

ولكن مع الأسف تسبب زيادة معدلات السكان في المناطق القريبة من الغابات التي تعيش بها الغزلان في زيادة معدلات صيد النمور والذئاب وبعض المفترسات الأخرى في 

محاولات من السكان في تأمين مناطق سكنهم لتصبح خالية من الوحوش. مما تسبب في نقص أعداد النمور والذئاب في هذه المناطق إلى حد كبير.



ومع انخفاض أعداد العدو الطبيعي للغزلان من مفترسات تضاعفت أعدادها إلى حد كبير مما تسبب في حدوث ظاهرة بيئية خطيرة جديدة وهي ظاهرة التصفح.

وظاهرة التصفح نتجت عن الزيادة الكبيرة في أعداد الغزلان في منطقة محددة أكثر من اللازم بسبب نقص أعداد النمور والمفترسات. مما جعل كميات الأعشاب والنباتات الطبيعية التي اعتادت الغزلان أن تتغذى عليها تصبح غير كافية لتغذية هذا العدد الضخم من الغزلان فبدأت هذه الأنواع في نفاذ والاختفاء من الغابة مع صعوبة إنباتها من جديد حيث يتم التهام النباتات وهي مازالت صغيرة قبل أن تكبر وتنتشر.

وبالتالي بدأت الغزلان في البحث عن أنواع جديدة من النباتات تصلح لتقتات عليها فتوجهت لبعض أنواع النباتات والشجيرات والتي تعتبر المأوى الأساسي للكثير من أنواع الطيور وخاصة الطيور المغردة مما تسبب في هجرة جماعية للطيور من هذه الغابة بحثا عن موطن جديد لا يوجد به غزلان تقوم بتدمير أشجارها وأعشاشها.

وبالتالي تغيرت الخريطة البيولوجية لهذه الغابة بشكل كبير جدا. حيث اختفت أنواع عديدة من النباتات والطيور والحيوانات المفترسة وتكاثرت أعداد الغزلان بشدة على الرغم من إطلاق الحكومة يد الصيادين والأهالي لاصطياد الغزلان لتقييد أعدادها قدر الإمكان.

كيف يقوم النمر بالحفاظ على النظام البيئي ؟

عندما يطرح سؤال ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر ؟ فلابد أن نبحث حول تأثير النمر نفسه على الغزال وباقي الأنواع العاشبة وعلى النظام البيئي بأكمله.

النمر هو واحد من المفترسات الطبيعية التي تزخر بها البيئة وأشهرها العائلة القططية التي ينتمي إليها كلا من الأسود والنمور والفهود وحتى القطط البرية والقطط المنزلية أيضا.

ولكن للأسف يواجه معظم أنواع المفترسات وخاصة النمور تحديات كبرى للاستمرار في الحياة على كوكب الأرض بسبب الإنسان الذي يتعامل معها على أنها عدو وخطر على حياته. فاجتهد الإنسان في اصطياد النمور وإخلاء مناطق كاملة من عائلات النمور التي كانت تسكنها من أجل أن يسكنها الإنسان أو يستخدم أراضيها في الزراعة مما تسبب في نقصان أعدادها إلى حد خطير جدا وأصبحت مهددة بالانقراض. مما جعل النظام البيئي في هذه المناطق مهدد إلى حد كبير.

تفضل النمور أن تعيش في السهول والغابات الاستوائية والغابات دائمة الخضرة وخاصة الغابات الأسيوية والتي تتواجد فيها الكثير من عائلات النمور والتي تتزاوج مع بعضها وتتميز بوفرة فرائسها وتعدد أنواعها. ولكن مع زحف الحضارة الإنسان على الغابات تقلصت مساحات عيش النمور جدا واختفى أكثر من 93% من مواطنهم الأصلية.

ونظرا لأن النمور تقع على أعلى الهرم الغذائي كحيوانات مفترسة فإنها تعمل على التحكم في أعداد الفرائس في الطبيعة كما ذكرنا. والتي تتحكم بدورها في انتشار الغطاء النباتي في البيئات الطبيعية مما يحافظ على الغابات والسهول من حدوث عمليات التصحر الناتجة عن الرعي الجائر الذي يحدث بسبب زيادة أعداد الحيوانات العاشبة عن معدلاتها الطبيعية مما يهدد بتدمير الغطاء النباتي لكوكب الأرض. والذي بالتالي سيتسبب مع الوقت في تضور هذه الأعداد الكبيرة من الحيوانات العاشبة من الجوع وموتها بسبب تحول الغابات إلى صحراء جرداء. وبذلك يكون كوكب الأرض قد خسر كلا من النمر كحيوان مفترس والغزالة كحيوان عاشب وآلاف الكيلومترات من الغابات التي تتصحر وفي الواقع هذه الغابات هي رئة العالم التي تمده بالأكسوجين لكي نتنفس جميعا إلى جانب مئات الأنواع من الطيور التي ستفقد مأواها وسيتدمر النظام البيئي بأكمله.

بالإضافة إلى أن النمور والحيوانات المفترسة تقوم أيضا بمهمة شديدة الأهمية جدا في النظام البيئي وهي ليست مجرد الحفاظ على أعداد الحيوانات العاشبة في المعدلات الطبيعية فحسب ولكنها تعمل أيضا على الحفاظ على سلالات هذه الحيوانات بأفضل حالة ممكنة بدون أن تضعف هذه السلالات وتتأثر بالضعف أو المرض.

حيث يقوم النمر والمفترسات الأخرى باختيار فرائسها بعناية شديدة، فهي لا تختار إلا الحيوانات المريضة أو الضعيفة أو المصابة والكبيرة في السن مما يعمل على تخليص القطيع من الحيوانات الضعيفة والمريضة والعجوز والتي لا يمكنها التزاوج وإنجاب الصغار وحتى لو تزاوجت فسيكون نسلها ضعيفا ومريضا مثلها مما سيهدد بولادة جيل من الحيوانات الضعيفة والتي مع التزاوج المستمر ستنقل جيناتها الضعيفة للعديد من الصغار مما يهدد بقاء النوع كله. لكنها تقوم بتطهير القطيع من هذه العناصر الضعيفة فلا يبقى إلا العناصر القوية والشابة والتي ستتزاوج وتنجب صغار أصحاء وأقوياء يستطيعون تحمل ظروف الحياة القاسية ويعملون على استمرار النوع.

وهكذا نكون قد تعرفنا على إجابة السؤال الشائك ما تأثير الغزال على كل من الشجيرات والنمر وكيف نفهم البيئة من حولنا.